فصل: مسألة (655): تفضَّل البكر بسبع، والثيِّب بثلاث.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسائل الصداق

مسألة ‏(‏648‏)‏‏:‏ لا يتقدَّر أقلّ المهر‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ يتقدّر بما يقطع به السارق، مع اختلافهما في ذلك‏.‏

وقد استدلَّ أصحابنا بأربعة أحاديث‏:‏ 2771- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن بشَّار ثنا يحيى ابن سعيد وعبد الرحمن بن مهديٍّ ومحمَّد بن جعفر قالوا‏:‏ ثنا شعبة عن عاصم ابن عبيد الله قال‏:‏ سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أنَّ امرأة من بني فزارة تزوَّجت على نعلين، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أرضيت من نفسك ومالك بنعلين‏؟‏‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ نعم‏.‏

فأجازه‏.‏

2772- الحديث الثاني‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يونس ثنا صالح بن مسلم بن رومان قال‏:‏ أخبرني أبو الزبير عن جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لو أنَّ رجلاً أعطى امرأة صداقها ملء يديه طعامًا كانت له حلالاً‏"‏‏.‏

2773- طريق آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا أحمد بن منصور ثنا يزيد بن هارون أنا موسى بن مسلم بن رومان عن أبي الزبير عن جابر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من أعطى في نكاح ملء كفٍّ فقد استحلَّ‏"‏‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏من دقيق أو طعام أو سويق‏"‏‏.‏

2774- الحديث الثالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا الحسن بن عرفة ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن برد بن سنان عن أبي هارون العَبْدِيِّ عن أبي سعيد الخُدْرِيِّ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏لا يضرُّ أحدكم أبقليل من ماله تزوَّج أم بكثير بعد أن يشهد‏"‏‏.‏

2775- الحديث الرابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن مخلد ثنا أحمد بن منصور ثنا عمرو بن خالد الحَرَّانِيُّ ثنا صالح بن عبد الجبَّار عن محمَّد بن عبد الرحمن بن البَيْلَمَانِيِّ عن أبيه عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أنكحوا الأيامى، وأدُّوا العلائق‏"‏‏.‏

قيل‏:‏ ما العلائق بينهم، يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ما تراضى عليه الأهلون، ولو بقضيب من أراك‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ هذه الأحاديث كلُّها معلولةٌ‏:‏

حدَّثنا أحمد بن محمَّد النصيبي ثنا أبو تقي هشام بن عبد الملك ثنا عتبة بن السكن الفزاري ثنا أبان بن المحبر عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏كم من حوراء عيناء ما كان مهرها إلا قبضة من حنطة أو مثلها من تمر‏"‏‏.‏

قال العقيلي‏:‏ ولا يتابعه إلا من هو دونه أو مثله‏)‏ ا‏.‏ هـ‏.‏

والكلمة الأخيرة غير موجودة في مطبوعة ‏"‏ الضعفاء‏"‏‏.‏

أمَّا الأوَّل‏:‏ ففيه عاصم بن عبيد الله، قال يحيى بن معين‏:‏ ضعيفٌ لا يحتجُّ بحديثه‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ فاحش الخطأ متروكٌ‏.‏

وأمَّا الثاني‏:‏ فيرويه صالح بن مسلم، وقد ضعَّفه يحيى والرازيُّ‏.‏

وقد رواه أبو عاصم عن صالح أيضًا، وإنَّما يزيد بن هارون سمَّاه موسى ابن مسلم، ولا يعرف موسى‏.‏

وقد رواه ابن مهديٍّ عن صالح عن أبي الزبير عن جابر موقوفًا‏.‏

2776- ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ من حديث عبد الله بن المؤمّل عن أبي الزبير عن جابر قال‏:‏ إن كنَّا لننكح المرأة على الحفنة والحفنتين من الدقيق‏.‏

وقد قال أحمد‏:‏ أحاديث ابن المؤمَّل مناكير‏.‏

وقال يحيى‏:‏ هو ضعيف الحديث‏.‏

وأمَّا الحديث الثالث‏:‏ ففيه إسماعيل بن عيَّاش، وقد ضعَّفوه، قال ابن حِبَّان‏:‏ خرج عن حدِّ الاحتجاج به‏.‏

وفيه‏:‏ أبو هارون العبديُّ، واسمه‏:‏ عمارة بن جوين، قال حمَّاد بن زيد‏:‏ كان كذَّابًا‏.‏

وقال أحمد‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال شعبة‏:‏ لأن أُقَدَّم فيضرب عنقي أحبُّ إليَّ من أن أحدِّث عنه‏!‏ وقال السَّعْدِيُّ‏:‏ كذَّابٌ مفتر‏.‏

وأمَّا الحديث الرابع‏:‏ قفيه محمَّد بن عبد الرحمن، قال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ حدَّث عن أبيه بنسخةٍ شبها بمائتي حديث، كلُّها موضوعةٌ‏.‏

وقال أبو حاتم الرازيُّ‏:‏ هو منكر الحديث، وأبوه ليِّنٌ‏.‏

والحديث الصحيح الذي يحتجُّ به‏:‏ حديث سهل بن سعد في الواهبة نفسها، وقد سبق في مسألة ‏(‏‏)‏‏:‏ انعقاد النكاح بلفظ الهبة‏.‏

ز‏:‏ حديث عامر بن ربيعة‏:‏ رواه الإمام أحمد عن محمَّد بن جعفر وحجَّاج عن شعبة، ورواه ابن ماجة من رواية سفيان عن عاصم‏.‏

وقال الترمذيُّ‏:‏ حديث حسن صحيح‏.‏

وحديث جابر‏:‏ رواه أبو داود عن إسحاق بن جيريل البغداديِّ عن يزيد ابن هارون بنحوه‏.‏

وقال الآجرِّيُّ‏:‏ سمعت أبا داود- وذكر صالح بن مسلم بن رومان- فقال‏:‏ أخطأ يزيد بن هارون في اسمه، فقال‏:‏ موسى بن رومان‏.‏

وحديث أبي سعيد‏:‏ لم يخرِّجوه، وقد تقدَّم أنَّ الدَارَقُطْنِيَّ رواه بإسناد آخر ضعيف‏.‏

وقول المؤلف في إسماعيل‏:‏ ‏(‏قد ضعَّفوه‏)‏ فيه نظر‏.‏

وحديث ابن عباس‏:‏ لم يخرِّجوه أيضًا، وقد روي من حديث ابن عمر‏:‏ 2777- قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ أنا الحسن بن سفيان ثنا بندار ثنا محمَّد بن الحارث عن محمَّد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعًا‏:‏ ‏"‏أنكحوا الآيامى‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ يا رسول الله، ما العلائق‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ما تراضى عليه أهلوهم‏"‏‏.‏

قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ محمَّد بن عبد الرحمن بن البيلماني ضعيفٌ، ومحمَّد بن الحارث ضعيفٌ، والضعف على حديثهما بيِّنٌ O‏.‏

احتجَّ الخصم‏:‏ 2778- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا أحمد بن عيسى بن السكين

البلديُّ ثنا زكريا بن الحكم الرسعنيُّ ثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجَّاج ثنا مبمشر بن عبيد قال‏:‏ حدَّثني الحجَّاج بن أرطاة عن عطاء وعمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء، ولا يزوِّجهنَّ إلا الأوَّلياء، ولا مهر أقلّ من عشرة دراهم‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ قد روينا هذا الحديث من طرق، مدارها كلِّها على مبشر ابن عبيد، قال أحمد بن حنبل‏:‏ مبشر ليس بشيءٍ، أحاديثه موضوعات كذبٌ، يضع الحديث‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ يكذب‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يروي عن الثقات الموضوعات، لا يحلُّ كتب حديثه إلا على سبيل التعجُّب‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب ‏"‏ السنن‏"‏‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ هو حديث ضعيفٌ بمرَّة، وقد رواه بقيَّة عن مبشر عن الحجَّاج عن أبي الزبير عن جابر‏.‏

وقال أبو عليٍّ الحافظ‏:‏ مبشر بن عبيد متروك الحديث، وهذا منكر لم يتابع عليه O‏.‏

وقد رووا مثل هذا عن عليٍّ عليه السلام موقوفا‏:‏

2779- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا الحسين بن يحيى بن عيَّاش ثنا عليُّ بن إشكاب ثنا محمَّد بن ربيعة ثنا داود الأَوْدِيُّ عن الشَّعبيِّ قال‏:‏ قال عليٌّ عليه السلام‏:‏ لا يكون مهر أقلّ من عشرة دراهم‏.‏

قال يحيى بن معين‏:‏ داود ليس حديثه بشيءٍ‏.‏

قال ابن حِبَّان‏:‏ كان داود يقول بالرجعة‏.‏

ثُمَّ إنَّ الشَّعبيَّ لم يسمع من عِليٍّ‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا دَعْلَج ثنا محمَّد بن إبراهيم الكنانيُّ قال‏:‏ سمعت أبا سيَّار البغداديَّ قال‏:‏ سمعت أحمد بن حنبل يقول‏:‏ لقَّن غياثُ بنُ إبراهيمَ‏:‏ داودَ الأوْدِيَّ ‏(‏عن الشَّعبيِّ عن عليٍّ‏:‏ لا مهر أقلَّ من عشرة دراهم‏)‏ فصار حديثًا‏.‏

وقال أحمد والبخاريُّ والدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ غياث بن إبراهيم متروك‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس بثقةٍ، كان كذَّابًا‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يضع الحديث‏.‏

وقد روى الخصم عن عليٍّ روايةً أخرى‏:‏

2780- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا عليُّ بن الفضل بن طاهر البَلْخيُّ ثنا عبد الصمد بن الفضل ثنا عليُّ بن محمَّد المَنْجُوريُّ ثنا الحسن بن دينار عن عبد الله الدَّانَاج عن عكرمة عن ابن عبَّاس عن عليٍّ قال‏:‏ لا مهر أقلّ من خمسة دراهم‏.‏

قال أحمد‏:‏ الحسن بن دينار لا يكتب حديثه‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال أبو حاتم الرازيُّ‏:‏ متروك الحديث، كذَّابٌ‏.‏

وقال الفلاس‏:‏ اجتمع أهل العلم على أنَّه لا يروى عنه‏.‏

مسألة ‏(‏649‏)‏‏:‏ لا يجوز أن يجعل تعليم القرآن صداقًا‏.‏

وعنه‏:‏ الجواز، كقول مالكٍ والشافعيِّ‏.‏

2781- قال سعيد بن منصور‏:‏ حدَّثنا أبو معاوية ثنا أبو عرفجة الفايشيُّ عن أبي النعمان الأزديِّ قال‏:‏ زوَّج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأةً على سورة من القرآن، ثُمَّ قال‏:‏ ‏"‏لا يكون لأحد بعدك مهرا‏"‏‏.‏

2782- وقال أبو داود‏:‏ حدَّثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء ثنا أبي ثنا محمَّد بن راشد عن مكحول أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوَّج رجلاً على ما معه من القرآن، قال‏:‏ وكان مكحول يقول‏:‏ ليس ذلك لأحدٍ بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

ز‏:‏ هذان الحديثان غير ثابتين، وكلاهما مرسل‏.‏

وأبو عرفجة وأبو النعمان‏:‏ مجهولان‏.‏

وقول مكحول ليس بحجَّة، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ بحديث سهل بن سعد، وقوله‏:‏ ‏"‏زوجتكها على ما معك من القرآن‏"‏‏.‏

وقد سبق بإسناده‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ وهذا إنما كان لضرورة الفقر أوَّل الإسلام‏.‏

2783- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل ثنا القاسم بن هاشم السمسار ثنا عتبة بن السكن ثنا الأوزاعيُّ ثنا محمَّد بن عبد الله ابن أبي طلحة قال‏:‏ أخبرني زياد بن أبي زياد قال‏:‏ حدَّثني عبد الله بن سخبرة عن ابن مسعود أنَّ امرأةً أتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت‏:‏ يا رسول الله، رأ فِيَّ رأيَكَ‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏من ينكح هذه‏؟‏‏"‏‏.‏

فقام رجلٌ عليه بردة عاقدها في عنقه، فقال‏:‏ أنا يا رسول الله‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏ألك مالٌ‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏اجلس‏"‏‏.‏

ثُمَّ جاءت امرأة أخرى، فقالت‏:‏ يا رسول الله، رأ فِيَّ رأيك‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏من ينكح هذه‏؟‏‏"‏‏.‏

فقام ذلك الرجل، فقال‏:‏ أنا يا رسول الله‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏ألك مال‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏اجلس‏"‏‏.‏ ثُمَّ جاءت الثالثة، فذكر مثل ذلك، فقال‏:‏ ‏"‏هل تقرأ من القرآن شيئًا‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ نعم، سورة البقرة، وسورة المفصل‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏قد أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها، وإذا رزقك الله عوِّضها‏"‏‏.‏

فتزوَّجها الرجل على ذلك‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ تفرَّد به عتبة بن السكن، وهو متروكٌ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجوه‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ عتبة بن السكن منسوبٌ إلى الوضع، وهذا ‏[‏باطل‏]‏ لا أصل له، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏650‏)‏‏:‏ يجب للمفوِّضة مهر المثل ‏[‏بالعقد‏]‏، ويستقرُّ بالموت‏.‏

وقال مالك‏:‏ لا يجب لها شيءٌ‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ لا يجب بالعقد شيءٌ، وفي وجوبه بالموت قولان‏.‏

لنا‏:‏ أنَّه لو لم يجب بالعقد لم يجب بالوطء‏.‏

ولنا على استقراره بالموت‏:‏

2784- ما رواه الإمام أحمد، قال‏:‏ حدَّثنا يزيد بن هارون أنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال‏:‏ أُتي عبد الله في امرأةٍ تزوَّجها رجلٌ، ثُمَّ مات عنها ولم يفرض لها صداقًا، ولم يكن دخل بها، فاختلفوا إليه، فقال‏:‏ أرى لها مثل صداق نسائها، ولها الميراث، وعليها العِدَّة‏.‏

فشهد معقل بن سنان الأشجعيُّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى في بروع بنت واشق بمثل ما قضى‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث رواه أصحاب ‏"‏ السنن ‏"‏ من حديث سفيان‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ وقد روي عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأبي وأمي أنَّه قضى في بروع بنت واشق- ونكحت بغير مهر فمات زوجها- فقضى لها بمهر نسائها، وقضى لها بالميراث، فإن كان ثبت عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو أول الأمور بنا، ولا حجَّة في قول أحدٍ دون النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا في قياسٍ، ولا في شيء، وفي قوله إلا طاعة الله بالتسليم له، وإن كان لا يثبت عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن لأحد أن يثبت عنه ما لم يثبت، ولم أحفظه من وجه يثبت مثله، هو مرَّة يقال‏:‏ ‏(‏عن معقل بن يسار‏)‏، ومرَّة‏:‏ ‏(‏عن معقل بن سنان‏)‏، ومرَّة‏:‏ ‏(‏عن بعض أشجع‏)‏ لا يسمَّى‏.‏

وقال رضي الله عنه‏:‏ إن صحَّ حديث بروع بنت واشق قلت به‏.‏

قال الحاكم‏:‏ لو حضرت الشافعيَّ لقمت إليه على رؤوس أصحابه، وقلت‏:‏ قد صحَّ الحديث فقل به‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وشيخنا أبو عبد الله إنَّما حكم بصحَّة الحديث لأنَّ الثقة قد سمَّى فيه رجلاً من الصحابة، وهو معقل بن سنان الأشجعيُّ‏.‏

وهذا الخلاف في تسمية من روى قصَّة بروع بنت واشق عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يوهن الحديث، فإنَّ أسانيد هذه الروايات صحيحة، وفي بعضها‏:‏ أنَّ جماعةً من أشجع شهدوا بذلك، فبعضهم سمَّى هذا، وبعضهم سمَّى آخر، وكلُّهم ثقةٌ، ولولا الثقة بمن رواه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما كان عبد الله رضي الله عنه يفرح بروايته O‏.‏

مسألة ‏(‏651‏)‏‏:‏ يثبت المسمَّى في النكاح الفاسد‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ يثبت مهر المثل‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يثبت الأقل من المسمَّى أو مهر المثل‏.‏

لنا‏:‏ حديث عائشة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أيُّما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطلٌ، فان أصابها، فلها مهرها بما أصاب منها‏"‏‏.‏

وقد ذكرناه بإسناده في أول كتاب النكاح‏.‏

مسألة ‏(‏652‏)‏‏:‏ الخلوة الصحيحة تقرر المهر‏.‏

قال مالكٌ والشافعيُّ‏:‏ لا يتكمل إلا بالوطء‏.‏

2785- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو بكر الشافعيُّ ثنا محمَّد بن شاذان ثنا مُعلَّى بن منصور ثنا ابن لهيعة أنا أبو الأسود عن محمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من كشف خمار امرأة ونظر إليها وجب الصداق، دخل بها أو لم يدخل‏"‏‏.‏

2786- قال مُعلَّى‏:‏ وثنا ابن أبي زائدة عن يحيى بن سعيد عن سعيد ابن المسيَّب عن عمر قال‏:‏ من أغلق بابًا، وأرخى سترًا، فقد وجب الصداق‏.‏

2787- قال مُعلَّى‏:‏ وأنا شَريك عن ميسرة عن المنهال عن عبَّاد بن عبد الله عن عليٍّ قال‏:‏ إذا أغلق بابًا، وأرخى سترًا، أو رأى عورةً، فقد وجب عليه الصداق‏.‏

فإن قيل‏:‏ الحديث الأوَّل مرسلٌ، ثُمَّ فيه ابن لهيعة وهو ضعيفٌ‏.‏

قلنا‏:‏ المراسيل عندنا حجَّةٌ، وابن لهيعة قد روى عنه العلماء‏.‏

ز‏:‏ عباد بن عبد الله- الراوى عن عليٍّ- هو‏:‏ الأسديُّ، الكوفيُّ، وقد قال البخاريُّ‏:‏ فيه نظر‏.‏

وقد حكى المؤلِّف عن ابن المدينيِّ أنه ضعَّفه‏.‏

لكنه لم يتفرَّد بهذا عن عليٍّ‏:‏ 2788- فقد قال محمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ‏:‏ ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن الأحنف أنَّ عمر وعليًّا قالا‏:‏ إذا أغلق بابًا، وأرخى سترًا، فقد وجب الصداق كاملاً، وعليها العدَّة‏.‏

2789- وقال سعيد بن منصور‏:‏ ثنا هشيم أنا عوف عن زرارة بن أوفى قال‏:‏ قضاء الخلفاء الراشدين المهديين أنَّه من أغلق بابًا، أو أرخى سترًا، فقد وجب الصداق والعدَّة‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ هذا مرسل، فإن زرارة لم يدركهم، وقد رويناه عن عليٍّ وعمر موصولاً‏.‏

ومرسل ابن ثوبان‏:‏ لم ينفرد به ابن لهيعة‏:‏ 2790- فقد رواه أبو داود في ‏"‏ المراسيل ‏"‏ عن قتيبة بن سعيد عن الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان بن سليم عن عبد الله بن يزيد عنه، ولفظه‏:‏ ‏"‏من كشف امرأة فنظر إلى عورتها، فقد وجب الصداق ‏"‏ O‏.‏

مسائل الوليمة والقسمة والنشوز

مسألة ‏(‏653‏)‏‏:‏ نثار العرس مكروه‏.‏

وعنه‏:‏ لا يكره، كقول أبي حنيفة‏.‏

لنا أربعة أحاديث‏:‏ 2791- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا وكيع ثنا شعبة عن عَدِيِّ بن ثابت قال‏:‏ سمعت عبد الله بن يزيد يحدِّث قال‏:‏ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النهبة والمثلة‏.‏

انفرد بإخراجه البخاريُّ‏.‏

ز‏:‏ 2792- قال الطبرانيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن محمَّد الجذوعيُّ القاضي ثنا عقبة بن مكرم ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرميُّ ثنا شعبة عن عَدِيِّ بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيُّوب قال‏:‏ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النهبة والمثلة‏.‏

كذا رواه بزيادة أبي أيُّوب، ورواه البخاريُّ عن آدم وحجَّاج بن منهال كلاهما عن شعبة، ولم يذكر أبا أيُّوب، قال‏:‏ وزاد حجَّاج في حديثه‏:‏ وقال عَدِيٌّ عن سعيد- يعني‏:‏ ابن جبير- عن ابن عبَّاس عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ O‏.‏

2793- الحديث الثاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا هاشم بن القاسم عن ابن أبي ذئب قال‏:‏ حدَّثني مولى لجهينة عن عبد الرحمن بن زيد بن خالد عن أبيه أنَّه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن النهبة والخلسة‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجوه، وفي إسناده من تجهل حاله O‏.‏

2794- الحديث الثالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا إبراهيم بن إسحاق الطَّالقانيُّ ثنا الحارث بن عمير عن حُميد الطويل عن الحسن عن عِمْران بن حُصَين أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من انتهب فليس منا‏"‏‏.‏

ز‏:‏ الحارث‏:‏ وثَّقه ابن معين وغير واحد، وتكلَّم فيه ابن حِبَّان والحاكم‏.‏

وقد رواه الترمذيُّ والنسائيُّ وابن ماجة من غير رواية الحارث عن حُميد، وصحَّحه الترمذيُّ‏.‏

والحسن لم يسمع من عِمْران‏.‏

قاله ابن المدينيِّ وغيره O‏.‏

2795- الحديث الرابع‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا محمود بن غيلان ثنا عبد الرزَّاق عن معمر عن ثابت عن أنسٍ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من انتهب فليس منَّا‏"‏‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه أحمد وإسحاق وعبدٌ وغيرهم عن عبد الرزَّاق، وهو مختصرٌ من حديثٍ فيه أحكام‏.‏

ورواه ابن حِبَّان من حديث عبد الرَّزَّاق‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ تفرَّد به معتمر عن ثابت‏.‏

وقال أبو حاتم الرازيُّ‏:‏ هذا حديثٌ منكرٌ جدًّا‏.‏

والله أعلم‏.‏

2796- وقد احتجَّ الطحاويُّ بحديث ثور بن يزيد عن خالد بن مَعْدَان عن معاذ بن جبل أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في إملاك، فجاءت الجواري معهن‏:‏ ‏"‏ألا تنتهبون‏؟‏‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ إنَّك كنت نهيت عن النهبة‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏تلك نهبة العساكر، فأمَّا العرسات فلا‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجاذبهم ويجاذبونه‏.‏

وقد أنكر البيهقيُّ هذا الحديث، وقال‏:‏ من رواية عون بن عمارة وعصمة بن سليمان- وكلاهما لا يحتجُّ به- عن لمازة بن المغيرة- وهو مجهول- عن ثور‏.‏

قال‏:‏ وخالد بن مَعْدَان عن معاذ منقطعٌ O‏.‏

مسألة ‏(‏654‏)‏‏:‏ الأمة على النصف من الحُرَّة في القَسْم‏.‏

وقال داود‏:‏ هما سواء‏.‏

وعن مالك كالمذهبين‏.‏

2797- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا دَعْلَج ثنا محمَّد بن عليِّ بن زيد ثنا سعيد بن منصور ثنا هُشيم قال‏:‏ ثنا ابن أبي ليلى عن المنهال عن عبَّاد بن عبد الله الأسديِّ عن عليٍّ أنَّه كان يقول‏:‏ إذا تزوَّج الحرَّة على الأمة‏:‏ للأمة الثلث، وللحرَّة الثلثان‏.‏

2798- وقال سعيدٌ‏:‏ ثنا هُشيم أنا داود بن أبي هند قال‏:‏ سمعت ابن المسيَّب يقول‏:‏ تنكح الحرَّة على الأمة، ولا تنكح الأمة على الحرَّة، ويقسم بينهما‏:‏ الثلث للأمة، والثلثان للحرَّة‏.‏

مسألة ‏(‏655‏)‏‏:‏ تفضَّل البكر بسبع، والثيِّب بثلاث‏.‏

وقال أبو حنيفة وداود‏:‏ يقضي في حق الجميع‏.‏

2799- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال‏:‏ حدَّثني محمَّد بن أبي بكر عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبيه عن أمِّ سلمة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَّا تزوَّجها أقام عندها ثلاثة أيَّام، وقال‏:‏ ‏"‏إنَّه ليس بك على أهلك هوان، وإن شئت سبَّعت لك، وإن سبَّعت لك سبَّعت لنسائًي‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

2800- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا البيعويُّ ثنا حاجب بن الوليد ثنا محمَّد بن سلمة عن ابن إسحاق عن أيُّوب عن أبي قِلابة عن أنسٍ قال‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏للبكر سبعة أيَّام، وللثيِّب ثلاثٌ، ثُمَّ يعود إلى نسائه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه ابن ماجة عن هنَّاد بن السَّرِي عن عَبْدَة بن سليمان عن ابن إسحاق بنحوه O‏.‏

2801- وقال الترمذيُّ‏:‏ أنا يحيى بن خلف ثنا بشر بن المفضَّل ثنا خالد الحذَّاء عن أبي قِلابة عن أنس بن مالكٍ- قال‏:‏ لو شئت أن أقول‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنَّه- قال‏:‏ السنَّة إذا تزوَّج الرجل البكر على امرأته أقام عندها سبعًا، وإذا تزوَّج الثيِّب على امرأته أقام عندها ثلاثًا‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ من حديث خالد، والله أعلم O‏.‏

من مسائل الخُلْع

مسألة ‏(‏656‏)‏‏:‏ يكره الخُلْع بأكثر من المهر، ويصحُّ‏.‏

وقال أكثرهم‏:‏ لا يكره‏.‏

2802- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا يوسف بن سعيد ثنا حجَّاج عن ابن جُريج قال‏:‏ أخبرني أبو الزبير أنَّ ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده بنت عبد الله بن أُبَيِّ بن سَلُول، وكان أصدقها حديقةً، فكرهته، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أتردِّين عليه حديقته التي أعطاك‏؟‏‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ نعم، وزيادة‏!‏ فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أمَّا الزيادة فلا، ولكن حديقته‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ نعم‏.‏

فأخذها له، وخلَّى سبيلها، فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس، قال‏:‏ قد قبلت قضاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

إسنادٌ صحيحٌ، قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ سمعه أبو الزُّبير من غير واحدٍ‏.‏

2803- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا أبو بكر الشافعيُّ ثنا بشر بن موسى ثنا الحُميديُّ ثنا سفيان ثنا ابن جُريجٍ عن عطاء أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها‏"‏‏.‏

ز‏:‏ 2804- رواه أبو داود في ‏"‏ المراسيل ‏"‏ عن أبي بكر محمَّد بن خلاد الباهليِّ عن يحيى عن ابن جُريج عن عطاء قال‏:‏ جاءت امرأة إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشكو زوجها، فقال‏:‏ ‏"‏أتردين عليه حديقته‏؟‏‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ نعم، وزيادة‏!‏ قال‏:‏ أمَّا الزيادة فلا‏.‏

2805- وروى أيضًا عن إسحاق بن إسماعيل الطَّالَقَانِيِّ عن سفيان عن ابن جُريج عن عطاء عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المُخْتَلِعة‏:‏ لا يأخذ منها كثر مما أعطاها‏.‏

2806- وروى أيضًا عن أحمد بن صالح عن أبي نُعيم عن سفيان عن ابن جُريج عن عطاء أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يأخذ من المُخْتَلِعة كثر مما أعطاها‏.‏

قال أبو داود‏:‏ قال وكيع‏:‏ سألت ابن جُريج عنه فأنكره، ولم يعرفه O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 2807- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال‏:‏ قرىء على أبي القاسم بن منيع- وأنا أسمع-‏:‏ حدَّثكم أبو حفص عمر بن زرارة ثنا مسروح بن عبد الرحمن عن الحسن بن عمارة عن عطيَّة العَوْفِيِّ عن أبي سعيد الخدريِّ قال‏:‏ كانت أختي تحت رجلٍ من الأنصار، تزوَّجها على حديقة، فكان بينهما كلامٌ، فارتفعا إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏تردِّين عليه حديقته، ويطلِّقك‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ نعم، وأزيده‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏ردِّي عليه حديقته، وزيديه‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏

أنَّ هذا إسنادٌ لا يصحُّ، أمَّا عطيَّة‏:‏ فقد ضعَّفه الثوريُّ وهُشيم وأحمد ويحيى، وقال ابن حِبَّان‏:‏ لا يحلُّ كتب حديثه إلا على التعجُّب‏.‏

وأمَّا الحسن بن عمارة‏:‏ فقال شعبة‏:‏ هو كذَّابٌ، يحدِّث بأحاديث قد وضعها‏.‏

وقال يحيى‏:‏ يكذب‏.‏

وقال أحمد والرازيُّ والنسائيُّ والفلاس ومسلم بن الحجَّاج والدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هو متروكٌ‏.‏

وقال زكريا السَّاجيُّ‏:‏ أجمعوا على ترك حديثه‏.‏

مسائل الطلاق

مسألة ‏(‏657‏)‏‏:‏ لا يصحُّ عقد الطلاق قبل النكاح، وفي العتاق روايتان‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يصحُّ‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ يصحُّ في خصوصهن، دون عمومهن‏.‏

لنا ستة أحاديث‏:‏ 2808- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا سعيد عن مطر عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ليس على رجل طلاق فيما لا يملك، و لا عتاق فيما لا يملك، ولا بيع فيما لا يملك‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود من رواية غير واحدٍ عن مطر، وقد رواه عن عمرو غير مطر، والله أعلم O‏.‏

2809- الحديث الثاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا إسحاق بن محمَّد بن الفضل الزيَّات ثنا عليُّ بن شُعيب ثنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عمرو بن شُعيب عن طاوس عن معاذ بن جبل أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يجوز طلاقٌ، ولاعتاقٌ، ولا بيعٌ، ولا وفاءُ نذرٍ، فيما لا يملك‏"‏‏.‏

2810- طريق آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن الحسن الحرَّانِيُّ ثنا أحمد بن يحيى بن زُهير ثنا عبد الرحمن بن سعدٍ أبو أُميَّة ثنا إبراهيم أبو إسحاق الضرير ثنا يزيد بن عياض عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب عن معاذ بن جبل قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا طلاق إلا بعد نكاح، وإن سُمِّيت المرأة بعينها‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجه أحد من أصحاب ‏"‏ السنن ‏"‏ من الطريقين، وكلاهما مرسلٌ، غير أنَّ الإسناد الأوَّل لا بأس برواته، والإسناد الثاني ضعيفٌ جدًّا، والله أعلم O‏.‏

2811- الحديث الثالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا جعفر بن محمَّد بن نصير ثنا أحمد بن يحيى الحُلْوانيُّ ثنا عليُّ بن قرين ثنا بقيَّة بن الوليد عن ثور بن يزيد عن خالد بن مَعْدَان عن أبي ثعلبة الخُشَنِيِّ قال‏:‏ قال عمٌّ لي‏:‏ اعمل لي عملاً حتَّى أزوّجك ابنتي‏.‏

فقلت‏:‏ إن تزوَّجتها فهي طالقٌ ثلاثًا‏.‏

ثُمَّ بدا لي أن أتزوَّجها، فأتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألته، فقال لي‏:‏ ‏"‏تزوَّجها، فإنَّه لا طلاق إلا بعد نكاحٍ‏"‏‏.‏

فتزوجتها، فولدت لي سعدًا وسعيدًا‏.‏

ز‏:‏ هذا حديثٌ باطلٌ، لا أصل له‏.‏

وعليُ بن قرين‏:‏ كذَّبه يحيى بن معين وغيره، وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ يسرق الحديث‏.‏

وقال المؤلِّف في ‏"‏ الضعفاء ‏"‏‏:‏ وهو الذي يروي في بعض حديثه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من كذب عَلَيَّ متعمدًا فليتبوأَ مقعده من النار‏"‏، ثم يكذب‏!‏‏!‏ O‏.‏

2812- الحديث الرابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثني أحمد بن محمَّد بن جعفر الجوزي ثنا محمَّد بن غالب بن حرب ثنا خالد بن يزيد القرنيُّ ثنا عبد الرحمن بن مسهر قال‏:‏ ثنا أبو خالد الواسطيُّ عن أبي هاشم الرُّمانيُّ عن سعيد ابن جبير عن ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سئل عن رجل قال‏:‏ يوم أتزوج فلانة فهي طالق، قال‏:‏ ‏"‏طلَّق ما لا يملك‏"‏‏.‏

ز‏:‏ وهذا أيضًا باطلٌ‏.‏

وأبو خالد الواسطيُّ هو‏:‏ عمرو بن خالد، وهو وضَّاعٌ، وقال أحمد ويحيى‏:‏ هو كذَّابٌ‏.‏

زاد يحيى‏:‏ غير ثقة ولا مأمون O‏.‏

2813- الحديث الخامس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن أحمد بن قطن ثنا الحسن بن عرفة ثنا عمر بن يونس عن سليمان بن أبي سليمان الزهريِّ عن يحيى بن أبي كثير عن طاوس عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا نذر إلا فيما أطيع الله فيه، ولا يمين في قطيعة رحم، ولا عتاق ولا طلاق فيما لا يملك‏"‏‏.‏

ز‏:‏ وهذا أيضًا ضعيفٌ، لا أصل له‏.‏

وسليمان هو‏:‏ ابن داود اليماميُّ، وقد ضعَّفوه، قال ابن معين‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال البخاريُّ وأبو حاتم‏:‏ منكر الحديث‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ عامَّة ما يرويه لا يتابعه عليه أحدٌ‏.‏

وقوله في الإسناد‏:‏ ‏(‏الزهريُّ‏)‏ فيه نظرٌ، والله أعلم O‏.‏

2814- الحديث السادس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن مخلد قال‏:‏ حدَّثني إسماعيل بن الفضل البلخيُّ قال‏:‏ حدَّثني أحمد بن يعقوب ثنا الوليد بن سلمة الأردنيُّ ثنا يونس عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة قالت‏:‏ بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا سفيان بن حرب على نجران اليمن، فكان فيما عهد إليه‏:‏ أن لا يطلِّق الرجل ما لا يتزوج، ولا يعتق ما لا يملك‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث أيضًا لا أصل له‏.‏

والوليد بن سلمة‏:‏ متهمٌ بالكذب، وقال أبو حاتم الرازيُّ‏:‏ ذاهب الحديث‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يضع الحديث على الثقات‏.‏

وقال الأزديُّ‏:‏ كذَّابٌ، يضع الحديث‏.‏

وأحمد بن يعقوب هو‏:‏ البلخيُّ، وهو صاحب مناكير وعجائب، يروي عن ابن عيينة وغيره O‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ وقد روي نحو هذا من حديث عليٍّ وجابر، ولكنَّها طرقٌ مجتنبة بمرَّةٍ، وإن كان في هذه الطرق ما يصلح اجتنابه، إلا أن تلك بمرَّةٍ‏.‏

ز‏:‏ طريق عليٍّ وجابر في هذا الباب أصلح من بعض ما ذكره، وفي الباب أيضًا‏:‏ 2815- حديث المسور بن مخرمة، رواه ابن ماجة عن أحمد بن سعيد الدارميِّ عن عليِّ بن الحسين بن واقد عن هشام بن سعد عن الزهريِّ عن عروة عنه، ولفظه‏:‏ ‏"‏لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك ‏"‏ O‏.‏

مسألة ‏(‏658‏)‏‏:‏ جمع الطلاق الثلاث في طهر واحد بدعةٌ‏.‏

وعنه‏:‏ أنَّه مباحٌ، كقول الشافعيِّ‏.‏

2816- قال البخاريُّ‏:‏ حدَّثنا إسماعيل بن عبد الله قال‏:‏ حدَّثني مالكٌ عن نافعٍ عن ابن عمر أنَّه طلَّق امرأته وهي حائض، فسأل عمرُ بن الخطاب رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، فقال‏:‏ ‏"‏مُرْهُ فليراجعها، ثُمَّ ليمسكها حتى تطهر، ثُمَّ تحيض، ثُمَّ تطهر، ثُمَّ إن شاءأمسك بعد، وإن شاء طلَّق فبل أن يمسَّ، كملك العدَّة التي أمر الله أن تطلَّق لها النساء‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

2817- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا عليُّ بن محمَّد بن عبيد الحافظ ثنا محمَّد ابن شأذان الجوهريُّ ثنا مُعَلَّى بن منصور ثنا شُعيب بن رزيق أنَّ عطاء الخرسانيَّ حدَّثهم عن الحسن ثنا عبد الله بن عمر أنَّه طلَّق امرأتَه تطليقةً وهي حائض، ثُمَّ أراد أن يتبعها بتطليقتين أخرتين عند القرءين، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏يا ابن عمر، ما هكذا أمرك الله، إنَّك قد أخطأت السُّنَّة، والسُّنَّة أن تستقبل الطهر فتطلِّق لكلِّ قرء‏"‏‏.‏

وقال‏:‏ فأمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فراجعتها، ثُمَّ قال‏:‏ ‏"‏إذا هي طهرت فطلِّق عند ذلك، أو أمسك‏"‏‏.‏

فقلت‏:‏ يا رسول الله، أفرأيت لو أنِّي طلقتها ثلاثًا، أكان يحلُّ لي أن أرتجعها‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا، كانت تبين منك، وتكون معصية ‏"‏ قال أبو حاتم بن حِبَّان الحافظ‏:‏ لم يشافه الحسنَ ابنُ عمر‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب ‏"‏ الكتب السِّتَّة‏"‏، وقد رواه الإمام أبو بكر محمَّد بن داود عن محمَّد بن شاذان‏.‏

وقال بعض من تكلَّم عليه‏:‏ هذا إسنادٌ قويٌّ، وقد صرَّح الحسن هنا بمشافهة ابن عمر‏.‏

وفي هذا نظرٌ، بل الحديث فيه نكارة، وبعض رواته متكلَّم فيه‏.‏

قال ابن حِبَّان في عطاء الخرسانيِّ‏:‏ عطاء من خيار عباد الله، غير أنَّه كان ردىء الحفظ، كثير الوهم، يخطئ ولا يعلم، فحمل عنه، فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به‏.‏

وشعيب بن رزيق هو‏:‏ الشاميُّ، أبو شيبة المقدسيُّ، سكن طرسوس، ثُمَّ سكن فلسطين، قال دُحيم‏:‏ لا بأس به‏.‏

ووثَّقه ابن حِبَّان والدَّارَقُطْنِيُّ، وقال الأَزْدِيُّ‏:‏ ليِّنٌ‏.‏

والحسن سمع من ابن عمر‏.‏

قاله الإمام أحمد- في رواية ابنه صالح عنه-، وأبو حاتم الرازيُّ، وقيل لأبي زُرعة‏:‏ الحسن لقي ابنَ عمر‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

وقال بهز بن أسد‏:‏ سمع الحسن من ابن عمر حديثًا، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏659‏)‏‏:‏ إذا قال لزوجته‏:‏ أنت خليَّةٌ، أو بريَّةٌ، أو بائنٌ، أو بتَّةٌ، أو بتلةٌ، أو طالقٌ لا رجعة لي فيها ولا مثنوية‏:‏ وأراد بذلك الطلاق، وقعت ثلاث نوى أو لم ينو‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ يرجع إلى نيته فيقع‏.‏

2818- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن سعيد ثنا أحمد بن يحيى الصوفيُّ ثنا إسماعيل بن أميَّة القرشيُّ ثنا عثمان بن مطر عن عبد الغفور عن أبي هاشم عن زاذان عن عليٍّ قال‏:‏ سمع النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً طلَّق البتَّة، فغضب، وقال‏:‏ ‏"‏يتخذون آيات الله هزوا، ودين الله هزوا- أو‏:‏ لعبا- من طلَّق البتَّة ألزمناه ثلاثا، لا تحلُّ له حتَّى تنكح زوجًا غيره‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ إسماعيل بن أميَّة كوفيٌّ، ضعيف الحديث‏.‏

ز‏:‏ عثمان بن مطر‏:‏ ضعَّفوه، وقال ابن حِبَّان‏:‏ كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحلُّ الاحتجاج به‏.‏

وعبد الغفور هو‏:‏ أبو الصبَّاح، الواسطيُّ، وهو متروكٌ، قال ابن حِبَّان‏:‏ كان ممن يضع الحديث على الثقات O‏.‏

2819- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا البيعويُّ ثنا داود بن رشيد ثنا أبو حفص الأبَّار عن عطاء بن السائب عن الحسن عن عليٍّ عليه السلام قال‏:‏ الخليَّة، والبريَّة، والبتَّة، والبائن، والحرام ثلاث، لا تحلُّ حتى تنكح زوجًا‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ الحسن لم يسمع من عليٍّ‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 2820- بما رواه الترمذيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا هنَّاد ثنا قَبيصة عن جرير بن حازم قال‏:‏ حدَّثني الزبير بن سعيد الهاشميُّ عن عبد الله بن عليِّ بن ركانة عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ طلَّقت امرأتي البتَّة، فأتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت‏:‏ يا رسول الله، إنِّي طلَّقت امرأتي البتَّة، قال‏:‏ ‏"‏ما أردت بهذا‏؟‏‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ واحدة‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏آلله‏؟‏‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ آلله‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فهو ما أردت‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة من رواية جرير عن الزبير، وعندهم‏:‏ عبد الله بن عليِّ بن يزيد بن ركانة‏.‏

ورواه ابن حِبَّان‏.‏

والزبير‏:‏ تكلَّم فيه يحيى والنسائيُّ وغيرهما‏.‏

وعبد الله‏:‏ قال العُقيليُّ‏:‏ لا يتابع على حديثه، إسناده مضطربٌ‏.‏

وعليٌّ‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ لم يصح حديثُه O‏.‏

2821- طريق آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن يحيى بن مرداس ثنا أبو داود السجستانيُّ ثنا أحمد بن عمرو بن السرح وأبو ثور إبراهيم ابن خالد الكلبيُّ في آخرين قالوا‏:‏ ثنا محمَّد بن إدريس الشافعيُّ قال‏:‏ حدَّثني عمِّي محمَّد بن عليِّ بن شافع عن عبد الله بن عليِّ بن السائب عن نافع بن عجير ابن عبد يزيد عن ركانة أنَّه طلَّق امرأته سُهيمة البتَّة، فأخبر النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، فقال‏:‏ ‏"‏والله ما أردت إلا واحدة‏؟‏‏"‏‏.‏

فقال‏:‏ والله ما أردت إلا واحدة‏.‏

فردَّها إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فطلَّقها الثانية في زمن عمر، والثالثة في زمن عثمان‏.‏

قال أبو داود‏:‏ هذا الحديث صحيحٌ‏.‏

قلنا‏:‏ قد قال أحمد‏:‏ حديث ركانة ليس بشيءٍ‏.‏

ز‏:‏ قال أبو داود‏:‏ سُئل أحمد عن حديث ركانة لا تثبته- أنه طلق امرأته البتَّة-‏؟‏ قال‏:‏ لا، لأنَّ ابن إسحاق يرويه عن داود بن الحُصين عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ ركانة طلَّق امرأته ثلاثًا‏.‏

وأهل المدينة يسمُّون الثلاث‏:‏ البتَّة‏.‏

وقال أحمد بن أصرم‏:‏ سئل أبو عبد الله عن حديث ركانة في البتَّة، قال‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

ذكره أبو بكر في ‏"‏ الشافي ‏"‏ O‏.‏

مسألة ‏(‏660‏)‏‏:‏ لا يصحُّ طلاق المكره، ولا يمينه، ولا نكاحه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يصحُّ‏.‏

لنا حديثان وأثرٌ‏:‏ 2822- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا سعد بن إبراهيم ثنا أبي عن محمَّد بن إسحاق قال‏:‏ حدَّثني ثور بن يزيد الكلاعيُّ عن محمَّد بن عبيد المكِّيِّ عن صفيَّة بنت عثمان بن شيبة عن عائشة قالت‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏لا طلاق ولا عتاق في إغلاق‏"‏‏.‏

‏[‏قال‏]‏ ابن قتيبة‏:‏ الإغلاق‏:‏ الإكراه على الطلاق والعتاق، وهو من‏:‏ غلقت الباب، كأنَّ المكره أغلق عليه حتَى يفعل‏.‏

ز‏:‏ كذا فيه‏:‏ ‏(‏عن صفيَّة بنت عثمان بن شيبة‏)‏، والصواب‏:‏ بنت شيبة بن عثمان‏.‏

وقد روى هذا الحديث‏:‏ أبو داود عن عبيد الله بن سعد الزهريِّ عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه‏.‏

ومحمَّد بن عبيد هو‏:‏ ابن أبي صالح، المكِّيُّ، سكن بيت المقدس، ضعَّفه أبو حاتم، ووثَّقه ابن حِبَّان‏.‏

ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن نُمَير عن محمَّد ابن إسحاق عن ثورٍ عن عبيد بن أبي صالح عن صفيَّة به‏.‏

كذا عنده، وهو وهمٌ، والصواب‏:‏ ‏(‏عن محمَّد بن عبيد‏)‏‏.‏

ورواه الحاكم، وقال‏:‏ على شرطهما‏.‏

وهو خطأٌ من وجوه، منها‏:‏ أنَّ محمَّدًا لم يرو له إلا أبو داود هذا الحديث، وعنده‏:‏ ‏(‏عن محمَّد بن عبيد بن صالح‏)‏، والصواب‏:‏ ابن أبي صالح‏.‏

وقد رواه أيضًا من رواية نعيم بن حمَّاد عن أبي صفوان الأمويِّ عن ثور ابن يزيد عن صفيَّة من غير ذكر محمَّد، ونعيم‏:‏ له مناكير‏.‏

وقد فُسِّر الإغلاق بـ‏:‏ الإكراه، كما تقدَّم‏.‏

وفُسِّر أيضًا بـ‏:‏ الغضب، قال أبو داود‏:‏ أظنه الغضب‏.‏

وقد نص الإمام أحمد على هذا التفسير في رواية حنبل‏.‏

قال شيخنا‏:‏ والصواب أنَّه يعمُّ الإكراه والغضب والجنون، وكلَّ أمر انغلق على صاحبه علمه وقصده، مأخوذٌ من‏:‏ غلق الباب؛ بخلاف من علم ما يتكلَّم به وقصده وأراده، فإنَّه انفتح له بابه، ولم يغلق عليه، والله أعلم O‏.‏

2823- الحديث الثاني‏:‏ قال سعيد بن منصور‏:‏ ثنا خالد بن عبد الله عن هشام عن الحسن عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إن الله عز وجل عفا لكم عن ثلاث‏:‏ عن الخطأ، والنسيان، وما استكرهتم عليه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا مرسلٌ، وقد رواه ابن عَدِيٍّ متصلاً، فقال‏:‏ 2824- ثنا حذيفة بن الحسن التنيسيُّ ثنا أبو أميَّة محمَّد بن إبراهيم ثنا جعفر بن جسر بن فَرْقد حدَّثني أبي عن الحسن عن أبي بكرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏رفع الله عن هذه الأمة ثلاثًا‏:‏ الخطأ، والنسيان، والأمر يكرهوا عليه‏"‏‏.‏

قال الحسن‏:‏ قولٌ باللسان، فأمَّا اليد فلا‏.‏

وجعفر وجسر‏:‏ ضعيفان، وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ البلاء من جعفر لا من جسر‏.‏

وقد روي نحو هذا من حديث أبي ذرٍّ وعقبة بن عامر وابن عبَّاس وابن عمر، وقد ذكرت أسانيدها والكلام عليها في موضع آخر، والله أعلم O‏.‏

وأمَّا الأثر‏:‏ 2825- فرواه سعيد بن منصور، قال‏:‏ ثنا إبراهيم بن قدامة بن إبراهيم الجُمَحِيُّ قال‏:‏ سمعت أبي- قدامة بن إبراهيم-‏:‏ أنَّ رجلاً على عهد عمر بن الخطَّاب تدلَّى يشتار عسلا، فأقبلت امرأته، فجلست على الحبل، فقالت‏:‏ لتطلقنَّها ثلاثًا، وإلا قطعت الحبل‏!‏ فذكَّرها الله والإسلام، فأبت، فطلَّقها ثلاثًا، ثُمَّ خرج إلى عمر بن الخطَّاب، فذكر ذلك له، فقال‏:‏ ارجع إلى أهلك، فليس هذا بطلاقٍ‏.‏

ز‏:‏ هذا منقطعٌ، فإنَّ قدامة بن إبراهيم الجُمَحِيَّ لم يدرك عمرَ رضي الله عنه، إنَّما يروى عن‏:‏ ابنه عبد الله بن عمر وسهل بن سعد وغيرهما من المتأخرين O‏.‏

احتجُّوا بثلاثة أحاديث‏:‏ 2826- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا قتيبة ثنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حبيب عن عطاء عن ابن ماهك عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ثلاثٌ جدُّهنَّ جدٌ، وهزلهُنَّ جدٌّ‏:‏ النكاج، والطلاق، والرجعة‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ عطاء هو‏:‏ ابن عجلان، متروك الحديث‏.‏

ز‏:‏ هذا الذي قاله المؤلِّف خطأٌ، بل عطاء‏:‏ ابن أبي رباح، أحد الأئمة‏.‏

وقد روى أبو داود وابن ماجة هذا الحديث من رواية عبد الرحمن ابن حبيب، وهو‏:‏ ابن أردك، وقال الترمذيُّ‏:‏ حديثٌ حسنٌ غريبٌ‏.‏

وأخرجه الحاكم، وقال‏:‏ هذا حديثٌ صحيح الإسناد، وعبد الرحمن من ثقات المدنيين، ولم يخرجاه‏.‏

وقال النسائيُّ‏:‏ عبد الرحمن منكر الحديث‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في ‏"‏ الثقات‏"‏‏.‏

وقد رواه الحارثيُّ في ‏"‏ مسند أبي حنيفة ‏"‏ عن صالح عن الفضل بن العبَّاس عن محرز بن محمَّد عن الوليد بن مسلم عنه عن عطاء، ولا يثبت إلى الوليد‏.‏

ورواه البغويُّ عن جدِّه عن أبي معاوية عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن عبادة بن الصامت بنحوه، مرفوعًا‏.‏

وإسماعيل‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

والحسن‏:‏ لم يسمع من عبادة، والله أعلم O‏.‏

2827- الحديث الثاني‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ وأنا محمَّد بن عبد الأعلى ثنا مروان بن معاوية الفَزَارِيُّ عن عطاء بن عجلان عن عكرمة بن خالد المخزوميِّ عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏كلُّ الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله‏"‏‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ لا نعرفه من حديث عكرمة بن خالد إلا من رواية عطاء، وهو ضعيف، ذاهب الحديث‏.‏

2828- الحديث الثالث‏:‏ قال العُقيليُّ‏:‏ حدَّثنا يحيى بن عثمان ثنا نُعيم ابن حمَّاد ثنا بقيَّة عن الغاز بن جبلة عن صفوان الأصم عن رجلٍ من أصحاب النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ رجلاً كان نائمًا مع امرأته، ققامت فأخذت سكينًا، وجلست على صدره، ووضعت السكن على حلقه، وقالت له‏:‏ طلِقني، أو لأذبحنَّك‏!‏ فناشدها الله، فأبت، فطلَّقها ثلاثًا، فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏لا قيلولة في الطلاق‏"‏‏.‏

قال البخاريُّ‏:‏ صفوان الأصم عن بعض أصحاب النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المكره حديثٌ منكرٌ، لا يتابع عليه

مسألة ‏(‏661‏)‏‏:‏ الخُلْع فسخٌ‏.‏

وعنه‏:‏ أنَّه طلاقٌ، كقول أبي حنيفة‏.‏

وعن الشافعيِّ قولان‏.‏

2829- قال سعيد بن منصور‏:‏ حدَّثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس قال‏:‏ سمعت إبراهيم بن سعد يسأل ابن عبَّاس عن رجل طلَّق امرأته تطليقتين، ثُمَّ اختلعت منه، فقال‏:‏ ينكحها إن شاء، إنما ذكر الله الطلاق في أوَّل الآية وآخرها، والخُلْع فيما بين ذلك‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 2830- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا أبو الحسن عليُّ بن محمَّد المصريُّ ثنا عبد الله بن وهيب الغزيُّ ثنا محمَّد بن أبي السري ثنا روَّاد عن عبَّاد بن كثير عن أيُّوب عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل الخُلْع تطليقة بائنة‏.‏

2831- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا عبد الباقي بن قانع ثنا إبراهيم بن أحمد بن مروان ثنا إسماعيل بن يزيد البصريُّ ثنا هشام بن يوسف ثنا مَعْمَر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه، فأمرها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تعتدَّ بحيضة‏.‏

قلنا‏:‏ أمَّا الحديث الأوَّل‏:‏ ففيه‏:‏ عبَّاد بن كثير، قال أحمد‏:‏ روى أحاديث كذب لم يسمعها‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس بشيء في الحديث‏.‏

وقال البخاريُّ والنسائيُّ‏:‏ متروكٌ‏.‏

وفي الحديث الثاني‏:‏ عمرو بن مسلم، ضعَّفه أحمد ويحيى‏.‏

2831/أ- وقد رووا عن سعيد بن المسيَّب أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏الخُلْع طلقة بائن‏"‏‏.‏

قلنا‏:‏ لا يصحُّ، ثُمَّ هو مرسلٌ، ثُمَّ نحمله على ما إذا نوى‏.‏

ز‏:‏ عبَّاد بن كثير هو‏:‏ الثقفيُّ، البصريُّ، وقد تركوه، وقد أخطأ بعضهم، فقال‏:‏ هو الرمليُّ‏.‏

وقد روى حديثه هذا‏:‏ أبو يعلى الموصليُّ وابن عَدِيٍّ وغيرهما‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ كيف يصحُّ ذلك، وقد ذهب ابن عباس وعكرمة بخلافه‏؟‏‏!‏ وحديث هشام بن يوسف‏:‏ رواه أبو داود والترمذيُّ جميعًا عن محمَّد بن عبد الرحيم البزَّاز عن عليِّ بن بحر القطَّان عنه، وقال الترمذيُّ‏:‏ حديثٌ حسنٌ غريبٌ‏.‏

ورواه الحاكم، وقال‏:‏ هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد، غير أنَّ عبد الرزاق أرسله عن مَعْمَر‏.‏

وعمرو بن مسلم- راويه- هو‏:‏ الجنَديُّ، اليماني، وقد روى له مسلمٌ حديثا، ووثَّقه ابن حِبَّان، وقال ابن معين في رواية‏:‏ لا بأس به‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ ليس له حديث منكر جدًّا‏.‏

وقال ابن حزم‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

ورَدَّ هذا الحديث لأجله‏.‏

واعلم أن هذا الحديث إن كان ثابتًا فهو حجَّة لمن قال‏:‏ الخُلْع ليس بطلاق، لأنَّه لو كان طلاقًا لم يعتد فيه بحيضة، فلا وجه لذكر المؤلِّف له في حجَّة من قال‏:‏ إن الخُلْع طلاق‏.‏

وقد رواه الخطيب من رواية المسنديِّ عن هشام وعَبْدَة، فجعل عدتها حيضة ونصفًا، ولفظ‏:‏ ‏(‏النصف‏)‏ غريبٌ، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏662‏)‏‏:‏ المختلعة لا يلحقها الطلاق‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يلحقها صريح الطلاق ما دامت في العدَّة، ويلحقها من الكنايات‏:‏ ‏"‏اعتدِّي، واستبرئي، وأنت واحدة ‏"‏ دون بقيَّة الكنايات‏.‏

لنا‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏لا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك‏"‏‏.‏

وقد ذكرناه بإسنأده، والمختلعة لا ملك له عليها‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 2832- بما روى أبو يوسف أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏المختلعة يلحقها الطلاق ما دامت في العِدَّة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ 2833- قال الشافعيُّ‏:‏ أنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبَّاس وابن الزبير أنَّهما قالا في المختلعة يطلقها زوجها، قالا‏:‏ لا يلزمها طلاق، لأنَّه طلاق ما لا يملك‏.‏

وبمعناه رواه الثوريُّ عن ابن جريج، وهو قول الحسن البصريِّ‏.‏

قال الشافعيُّ‏:‏ فسألته- يعني‏:‏ بعض من يخالفه في هذه المسألة-‏:‏ هل يروى في قوله خبرا‏؟‏ قال‏:‏ فذكر حديثًا لا تقوم بمثله حجَّة عندنا ولا عنده‏.‏

فقلت‏:‏ هذا عندنا وعندك غير ثابتٍ‏.‏

والظاهر أنَّ الحديث الذي ذكر له هو هذا الذي ذكره المؤلِّف ورَدَّه‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ أمَّا الخبر الذي ذكر له فلم يقع إلينا إسناده بعدُ، لننظر فيه، وقد طلبته من كتب كثيرة صنِّفت في الحديث فلم أجده، ولعله أراد ما روي عن فرج بن فَضَالة بإسناده عن أبي الدرداء من قوله، وفرج بن فَضَالة ضعيفٌ‏.‏

أو ما روي عن رجلٍ مجهولٍ عن الضحَّاك بن مزاحم عن ابن مسعودٍ من قوله، وهو منقطعٌ وضعيفٌ‏.‏

وقد ذكر ابن حزمٍ من رواية عليِّ بن المبارك عن يحيى بن أبي كثيٍر قال‏:‏ كان عمران بن حُصين وابن مسعود يقولان في التي تفتدي من زوجها‏:‏ يقع عليها الطلاق ما دامت في العِدَّة‏.‏

وهو منقطع، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏663‏)‏‏:‏ إصابة الزوج الثاني شرطٌ في إباحتها للأوَّل، خلافًا لابن المسيَّب وداود‏.‏

2834- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عبد الأعلى عن مَعْمَر عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة قالت‏:‏ دخلَتْ امرأة رفاعة القُرظيِّ وأنا وأبو بكر عند النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت‏:‏ إنَّ رفاعة طلَّقني البتَّة، وإنَّ عبد الرحمن بن الزبير تزوَّجني، وإنَّما عنده مثل هُدْبة الثوب‏.‏

وأخذت هدبة من جلبابها، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏كأنَّك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة‏؟‏‏!‏ لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏664‏)‏‏:‏ إذا قال لزوجته‏:‏ ‏"‏أنت طالقٌ إن شاء الله‏"‏ وقعَ الطلاق، وكذا العتاق

وقال أبو حنيفة والشافعيُّ‏:‏ لا يقع‏.‏

لنا‏:‏ 2835- حديث ابن عمر‏:‏ كنَّا أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نرى الاستثناء جائزا في كلِّ شيءٍ إلا في الطلاق والعتاق‏.‏

ز‏:‏ لم يذكر المؤلِّف لهذا الحديث إسنادًا، ومثلُ هذا لا يجوز الاحتجاج به، والله الموفِّق O‏.‏

احتجُّوا بثلاثة أحاديث‏:‏ 2836- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا الحسن بن عرفة ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن حميد بن مالك اللخميِّ عن مكحول عن معاذ بن جبل قال‏:‏ قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏يا معاذ، ما خلق الله شيئًا على وجه الأرض أحبّ إليه من العتاق، ولا خلق الله شيئًا على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق، فإذا قال الرجل لمملوكه‏:‏ أنت حرٌّ إن شاء الله، فهو حرٌّ، ولا استثناء له، وإذا قال الرجل لامرأته‏:‏ أنت طالق إن شاء الله، فله استثناؤه، ولا طلاق عليه‏"‏‏.‏

2837- طريق آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا إسحاق بن إبراهيم بن سنين ثنا عمر بن إبراهيم بن خالد ثنا حميد بن عبد الرحمن بن مالك اللخميُّ ثنا مكحولٌ عن مالك بن يَخَامر عن معاذ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من طلَّق واستثنى فله ثنياه‏"‏‏.‏

2838- الحديث الثاني‏:‏ قال أبو أحمد بن عَدِيٍّ‏:‏ حدَّثنا عبد الله بن محمَّد بن مسلم ثنا الحسين بن أبي سعيد العَسْقَلانيُّ ثنا آدم ثنا الجارود بن يزيد عن بَهز بن حَكيم عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا قال لامرأته‏:‏ أنت طالق إلى سَنَة إن شاء الله، فلا حنث عليه‏"‏‏.‏

2839- الحديث الثالث‏:‏ قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ حدَّثنا إبراهيم بن إسماعيل ثنا عليُّ بن معبد بن نوح ثنا إسحاق بن أبي يحيى عن عبد العزيز بن أبي روَّاد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من قال لامرأته‏:‏ أنت طالق إن شاء الله، أو غلامه حرٌّ إن شاء الله، أو عليه المشي إلى بيت الله إن شاء الله، فلا شيء عليه‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏ أمَّا الحديث الأوَّل‏:‏ فإنَّ مكحولاً لم يلق معاذًا‏.‏

وإسماعيل بن عيَّاش وحميد ومكحول كلُّهم ضعَافٌ‏.‏

والثاني‏:‏ فيه‏:‏ حميد أيضًا‏.‏

وفيه‏:‏ عمر بن إبراهيم، قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ كان كذَّابًا، يضع الحديث‏.‏

وأمَّا حديث بَهز بن حَكيم‏:‏ فالمتهم به‏:‏ الجارود، كان أبو أسامة يرميه بالكذب،

وقال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ غير ثقةٍ‏.‏

وقال أبو حاتم الرازيُّ‏:‏ كذَّابٌ، لا يكتب حديثه‏.‏

وأمَّا حديث ابن عبَّاس‏:‏ فلا يرويه إلا إسحاق بن أبي يحيى، قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ حدَّث عن الثقات بالمناكير‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ لا يحلُّ الاحتجاج به‏.‏

ز‏:‏ هذه الأحاديث لم يخرِّج أحدٌ من أصحاب ‏"‏ السنن ‏"‏ منها شيئًا‏.‏

والحديث الأوَّل‏:‏ رواه أبو يعلى عن داود بن رُشيد عن إسماعيل، وقال البيهقيُّ‏:‏ هو حديثٌ ضعيفٌ، وحميد بن مالك مجهولٌ، ومكحول عن معاذ بن جبل منقطعٌ‏.‏

وقد تكلَّم في حميد‏:‏ ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وابن عَدِيٍّ والأزديُّ، وقال النسائيُّ‏:‏ لا أعلم روى عنه غير إسماعيل بن عيَّاش‏.‏

وقد روى عنه غيره كما تقدَّم في رواية الدَّارَقُطْنِيِّ، إلا أنَّه كذَّابٌ، والحمل في هذا الحديث على حميد، وأخطأ المؤلِّف في تضعيف مكحول، وكلذلك تضعيفه لإسماعيل لا وجه له هنا‏.‏

وقد سقط في حديث ابن عباس بين عليِّ بن معبد بن نوح وبين إسحاق رجلٌ، وهو‏:‏ علي بن معبد بن شدَّاد الكعبيُّ‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ فيه‏:‏ وهذا الحديث بإسناده منكر، ليس يرويه إلا إسحاق الكعبيُّ O‏.‏